تداعيات تروح
تداعيــات .. تروح
مهداة إلى سعيد نوح ..
بريق :
هذا مساء يحط كابياً ، وشمس تلم بريقها المراق ، بنظرة مذابة على البيوت
نظارة ذهبية .
تتسكع حول عربة تين الشوك الفارغة ، تخر ماءها على الرصيف ، والرجل ضجر هكذا ، بذقن ممنوحة للشيب ، ينفض الشوك عن يده بملقط صغير .
نظارة ذهبية .
ترصد اللافتات حتى تضئ ، تدور حول كومات جرائد
المرتجع ، وتلمح ... أسفل الكوبرى ساقين ... وبول
نظارة ذهبية ... وعدستان فوتوجراى ، تمنحانه شفافية
داكنة ، تبصر الأشياء وهى تروح .
بيت :
معلقة سكر واحدة
كوبان فى اليوم على الاكثر
لا حـــلوى على الاطـــلاق
ـ جرائد الصباح مكرورة
حساء الخضار على الغذاء وقطعة لحم بارد
هذا يسمى سوتيه
قالت بلا اهتمام .. هذا كوبك الثانى
هكذا ... ذكرته الخادمة الشابة، تلك التى يضايقه منها ،عدم اعتنائها بالكتب ، وتحفظها الشديد .. حين تنحنى لتمسح البلاط .
ثم أنها .. تسرع فى الذهاب ، قبل أن يبدا المسلسل التليفزيونى الذى يتابعه .
علاقة :
هذا ..آخر الذين خرجوا من الحانة ،
آخركرنفلات البول والقئ الليلى
وهذا .. بائع سجق يغفو فى وسن الضوء الشحيح، قرر أن يترك الموقد .. ليدفئ صدره .. ويوش ..يوش.
يسعل .. كلما تطوحت رأسه للوراء .
يـــعدل من جلسته .. ويسعل من جديد.
فوق كرسيه .. يسعل
كلب عادى ...
يعبر الطريق فى تعب
لكنه .. مفعم بالسكينة فى شارح خلا من السيارات
يتكوم بين عجلات العربة الصغيرة
مصوبا آذنيه ناحية الحانة فى انتظار أن يخرج زكى
نحيل وأسمر.. كزجاجة براندى
يزرر معطفه الكحلى حتى العنق
يحدق لحظة فى النائم ويزعق ... هيا يا عبده
ينسحب وشيش الموقد .. وينزوى الضوء
سيفرك عينيه ، ويلقى بقايا السجق الذى مازال ساخنا ، فيصعد بخار هين ورائحة توابل .
ثم يحكم تلفيحته على رأسه .. ويمضيان.
فى الخلف ..كان ثم من يقبع..وينتظر قليلا ....
كان كل شيئ آمن الآن ..
لكنه .. بعينين فسفوريتين ينظر فى امتداد الشارع
يرقب ظلين فقط .
كلما ابتعدا قليلاً .. تضاما
ظلان فقط ... هكذا .. حتى نهاية الطريق
وقبل أن يغيبا فى شارع جانبى
يتحسس أحدهما موضع البابيون
ويسعل الآخر ... كعادته
لـــون:
فى بلادى ترحل السمرة الجميلة ... أي وقت
تمضى دون ـ حتى ـ نظرة
كانت عادة تمنحها للأماكن الضيقة
والغرباء
والصمت فى المدن الجديدة
وشاعر نحيل يعشق الجنوب
قرأ فى كتاب قديم ... بانت سعاد
تعليقات